فهرس المحتوى

في عالم يعجّ بالأصوات، يصبح الصمت مساحة نادرة وثمينة. إنه ليس فراغًا كما يظن البعض، بل حالة من الامتلاء، حيث تنطق المشاعر بلا كلمات، ويتحدث القلب بلغته الخاصة بعيدًا عن صخب العالم. الصمت لا يعني الضعف، بل يدل أحيانًا على عمق الفكر وقوة الموقف.

هناك لحظات لا يحتاج الإنسان فيها إلى الكلام، بل إلى نظرة صادقة، أو لمسة حانية، أو حتى مجرد وجود صامت يشعره بالأمان. ففي الصمت تُصاغ أعظم التأملات، وتُتخذ أصدق القرارات. من منا لم يلجأ إلى الصمت حين عجز الكلام عن التعبير؟ ومن منا لم يجد فيه ملاذًا حين تعاظمت الضوضاء من حوله؟

الصمت فنٌ لا يُتقنه الكثيرون، لأنه يتطلب شجاعة لمواجهة النفس، وهدوءًا لاستيعاب الحقيقة، وسموًّا لترك الجدل خلفك. إن القدرة على الصمت في لحظات الغضب، أو الحزن، أو حتى الفرح، هي شكل من أشكال الحكمة التي لا تُمنح إلا لمن تعلّم الإصغاء للحياة بصوتها الخفي.

فليكن لنا في الصمت حصة من يومنا، نتأمل، نرتب أفكارنا، نعود إلى ذواتنا، فنحن في حاجة إلى لحظات نختلي فيها بأنفسنا، بعيدًا عن كل ضجيج. ففي ظلال الصمت، تزهر الأرواح وتصفو القلوب.