في عالمٍ صاخب تمتلئ أركانه بالأصوات والضجيج، يبرز الصمت كفن نادر لا يتقنه إلا القلّة. الصمت ليس غيابًا للكلام، بل هو حضور هادئ للوعي، وتأمل عميق في اللحظة. كم من الكلمات قيلت بلا معنى، وكم من الصمت عبّر أكثر من ألف عبارة؟
الصامتون ليسوا دائمًا ضعفاء أو خجولين، بل قد يكونون الأذكى في الغرفة، من يراقبون ويتأملون قبل أن ينطقوا. في الصمت قوة داخلية، وهو سلاح الحكماء، يُستخدم للتأمل، ولإعطاء مساحة للآخرين، وحتى للرد دون كلام.
الإنصات فنّ يتفرّع من الصمت، فحين تصمت، تبدأ فعليًا في سماع الآخرين، ليس فقط ما يقولونه، بل ما يخفونه خلف كلماتهم. الصمت يمنحك بصيرة لا تُكتسب من كثرة الحديث، بل من عمق الإصغاء.
فلنتعلّم أن نصمت أحيانًا، لا هروبًا من المواجهة، بل لأن بعض المواقف لا تستحق جوابًا، وبعض الأسئلة تُجيب عنها الأيام.